بالنسبة له سيظل ذلك اليوم الذي دخلت فيه الزميلة مكتبه بحجة انها تطلب منه التعيين، بينما استغلت نقطة ضعفه الشهيرة لتصوره وهو يتحرش بها، يوما فارقا في حياته، ليس فقط لأنه يوم أطاح به من أعلى منصب صحفي كان قد وصل اليه بعد عناء وطول صبر و"مرمطة" كما كان يقول دائماً، لكن لأنه أيضاً وضع كلمة النهاية لتاريخ طويل اشتهر فيه بين المقربين بأنه كبير المتحرشين.
المرأة عنده تتلخص في مؤخرة جميلة، او ربما سمينة. فقد كان هو النازح من الجنوب يضع لنفسه مقاييس خاصة لجمال المرأة، تحددها المؤخرة فقط.
العريضة منها تساعده على التحرش الآمن، وكذلك الممتلئة، اما البارزة فهي مثيرة جنسيا لكنها مثيرة للمشاكل احياناً، لذلك كان يركز في كل مرة على النوعين الأولين، ويكتفي فقط باختبار النوع الثالث بشكل سطحي، ويتجاهل تماماً اية انواع اخرى.
رغم ذلك المبدأ فإنه يتذكر جيدا المرة التي تحرش فيها بإبنة الجيران التى لم تكن ذات مؤخرة جميلة، لكنه فعل بها ما فعل ليكسر الخوف الذي كان يتملكه كلما رأى والدها في الشارع او على سلم البيت. كان يتجنبه كما تتجنب الفئران القطط السمينة، ربما لأنه كان يشعر دائماً ان الرجل يفضح أمره، لأنه استقل معه الاتوبيس ذات مرة وكان ينظر اليه نظرات مريبة.
في هذا اليوم كانت ابنة الرجل بصحبة أخيها الأصغر، في مشوار عائلي، ركب ورائهما الاتوبيس ذاته، وما ان استقرا في مكان، حتى حدد هو وجهته، تقدم نحو الفتاة -النحيفة- وقرر التحرش بها، ليس من الخلف ككل مرة، لكنه وقف بجوارها، كتفها في صدره، وذراعاه تحيطها من الامام والخلف، امسك في الماسورة المثبتة في سقف الاتوبيس، وترك جسده يتمايل مع اهتزاز عجلاته، وفي كل انحناءة لليمين يغرز قضيبه في المنطقة التى تواجهه.
في البداية لم تلاحظ الفتاة سوى ان شئ ما حجري الملمس يصطدم بأجزاء مختلفة منها، ثم انتبهت لما يحدث عندما لاحظت ان الرجل بجوارها يحدق فيها، يتعمد النظر مباشرة الي عينيها، كأنما يريدها ان تعرف انه يتحرش بها، وكان إحساسها حقيقيا.
من جانبه هو كان يثيره ان تعرف ما يفعله، يستمتع لخوفها الظاهر من ان يلتفت اخوها ويرى ذلك المشهد، وفي الوقت ذاته تعجبه نظرات الانكسار التى يتخيلها تملأ عين الاب المخيف بعد ان يتحرش هو بابنته.
لكن كيف سيعرف الاب؟ هل ستحكي له عما حدث؟ وماذا سيكون رد فعله؟ هل سيتركه ينجو بفعلته بينما يكتفي بالانكسار أمامه؟ ام انه سيوسعه ضربا حتى تنكسر عظامه ورأسه؟ ثم يؤجج رغبة أهالي المنطقة في طرد ذلك المغترب الهائج المتحرش فيفقد مأواه الذي وجده بصعوبة بسبب الفقر؟ او ربما يزيد العقاب عن الحد ويفكر الاب في ان يحمي كل البنات من شره فيفقده ثروته الوحيدة؟
أسئلة سريعة ومتتالية نزعت عنه لذة التحرش بإبنة الجار المرعب، انتكس عضوه، وتحولت النار المشتعلة فى جسده الي قطرات من العرق بللت رأسه وملابسه. عرق الخوف لا الشهوة. التفت يمينا ويسارا، بحث بعينيه سريعا عن مهرب، وبدأ يتراجع عن جسد الفتاة الضئيل، للخلف عاد ولم يتقدم، كان يخشى النظر الى أخيها الطفل، ارتعب من فكرة ان يراه الصغير، مجرد الرؤية، ان يحكي لوالده انه كان يركب معهما الاتوبيس ذاته، وان يفهم الاب، ويفضح أمره كالعادة. ظل يتراجع جبانا، مبللا بالعرق، تفوح منه رائحة الخوف وشدة الحرارة، حتى قفز من الباب الخلفي للاتوبيس.
تنفس الصعداء عندما لمست رجلاه الارض، وكلما تذكر تلك الواقعة، ضاق صدره، ونفض رأسه بعنف ليزيح ذكراها من عقله، حتى بعد ان ابتسمت له الدنيا وفتحت أبوابها، كان ذلك المشهد يؤرقه في لحظات عدة.
كتب كثيرا عن التحرش، انتقد وهاجم وطالب المجتمعات المدنية بالتصدي للظاهرة، كأنه لم يفعلها يوما، تحدث عنها بلغة العارف بالأمور، حتى ان بعض العالمين بتاريخه علقوا على كتاباته بجملة توفيق الدقن الشهيرة "أحلى من الشرف مفيش".
ورغم انه صار من اصحاب السيارات، والوجوه المعروفة إعلاميا، الا ان حنينا كان يجذبه الى الاتوبيس او على الاقل الى الميكروباص، فهناك التلامس مسموح بفعل الزحام، حيث تتشابه الوجوه المشهورة والمغمورة، وتختلط الروائح المختلفة لتصنع عطرا واحدا يسود المكان، مزيج مقزز من الشهوة والضعف، والخوف، والذل والندالة.
ذات مرة غرس قضيبه في كتف امرأة كانت تجلس أمامه على كرسي الاتوبيس. شعرت به السيدة منذ اللحظة الاولى، وراحت تزحزح نفسها بعيدا في المساحة الضيقة التى تفصلها عن الجالس بجوارها، ثم استسلمت، وتوسلت، طالبته بالابتعاد بصوت خفيض، متعللة بأن كتفها مصاب، وكان يرد بحقارة متعمدة، "خلاص قربت اهو".
كانت المرأة قبيحة، وضعيفة، وكان هو محتقنا بشهوته، لم يشغله وجهها كثيرا، ولم يلتفت لمؤخرتها، فقط كان يريد جسدا طريا يفرغ فيه ما يؤلمه ثم يرحل.
في الجريدة حيث يعمل تتردد أقاويل عن زميلات حصلن على ورقة التعيين لأن مؤهلاتهن/ مؤخراتهن مناسبة، لكن أحدا لم ير بعينه، فقط هناك من دخلن وخرجن دون أن يعرف الزملاء من هن أو ماذا يفعلن.
من على مكتبها كانت هي تراقب، تسمع جيدا ما يقال، تعمل بجد لكنها لا تنتظر التقدير، تتجنب التواجد معه في المكتب، أو حتى المشي أمامه، تخفي مؤخرتها بملابس فضفاضة، لا تناسب جسمها الممشوق حتى لا تتحول الى احدي حكاياته.
كان لديها طموح كبير في التعيين والترقي، لذا اكتفت بأن تنكب على العمل وأن تقتصر علاقتها على عدد محدود من الزميلات، وفسر ذلك السلوك استمرارها لمدة طويلة داخل الجريدة دون أن تحيطها الشائعات.
عندما أكملت عامها الثاني بالجريدة، ولم تسمع أخبارا عن التعيين، وقد بدأ الطموح يتلاشى، قررت الدخول الى مكتبه للمرة الأولى، وتعمدت أن يكون المكتب مزدحما هربا من الانفراد بها، عدلت ملابسها الواسعة، أخفت كل ما استطاعت اخفاؤه من مؤخرتها، طرقت عليه الباب واستأذنت في الدخول، ثم كان الخروج سريعا.
عاملها الرجل بوقاحة، استخف بها، أهانها أمام الزملاء، سمعت ضحكاته على مظهرها واستخفافه بمؤهلاتها ومؤخرتها وهي تخرج من الباب.
لم يحدثها الرئيس عن مجهودها في العمل، ولم يناقش معها حيثيات طلب التعيين، لم يقدم لها ولو وعدا بالنظر في الأمر. خرجت مصدومة، مذهولة، مقتنعة بكل ما يتردد حوله، عاقدة عزمها على أن تحصل على التعيين بالطريقة التى تناسبه.
في اليوم التالي كانت شخصا آخر، بملابس ضيقة قصيرة، تكشف عن قوام متناسق، بمؤخرة مثالية. قضت أغلب وقتها تروح وتغدو في طرقات الجريدة، واختارت بعناية اللحظة المناسبة.
طرقت ذات الباب مرة أخرى، لم يعرفها صاحب المكتب الفخم، دعاها للجلوس، لكنها فضلت الوقوف الى جواره، أخبرته أنها تعمل منذ سنتين، وأنها تطلب التعيين، تمايلت ووضعت مؤخرتها على طرف المكتب، ولاحظت ارتعاشة يده.
اقترب منها، لاحت في انفه رائحة عرق الاتوبيس، وشعر جسده بالحرارة نفسها، درس الموقف بنظرة سريعة، بينما وضعت يدها في جيبها وأخرجت هاتفها المحمول، كانت قد ضبطته على وضع التصوير.
اقترب اكثر، اتخذ الوضع المناسب للتحرش، حركته المؤخرة الجميلة كما المنوم مغناطيسيا، تحجر قضيبه وهو يتهيأ للانغماس في مكانه المفضل. أغمض عينيه وترك نفسه للنشوة، وقبل أن يغرق في الحالة صرخت.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق